محافظ المركزي ربط سعره بـ(آلية تحديده) دولار الدواء.. بين (فك) الاحتكار و(رفع) الدعم


أثار القرار الذي أصدره رئيس الجمهورية عمر البشير، مطلع الأسبوع الماضي، القاضى بفك احتكار استيراد الأدوية المسجلة بسجلات المجلس القومي للأدوية والسموم شريطة أن يكون للمستورد رخصة استيراد من السلطات المختصة، أثار لغطاً وجدلاً كبيرين. ووجه القرار، بإيقاف الترويج المتعلق بوصف الأدوية بالأسماء التجارية على أن توصف الأدوية بأسمائها العلمية فقط وليس التجارية.


ونص القرار الرئاسي، على إيقاف استيراد أي أدوية من الخارج في حال وجود أدوية مشابهة تصنع داخل السودان. وأمر القرار، جميع الجهات المختصة بوضع القرار موضع التنفيذ. الشاهد أن القرار طرح سؤالاً واحداً فقط متمثلاً في هل يخضع الدواء إلى آلية السوق أم تستمر الدولة في دعمه حالة من الضبابية التي تملكت سوق الدواء بشأن استيراد الأدوية بعد القرارات الاقتصادية الجديدة وتحرير سعر الصرف .




قول كل خطيب

محافظ بنك السودان المركزي قطع بحديثه هذا قول كل خطيب بأن استيراد الدواء سوف يتم عبر سعر آلية صناع السوق وأن إستيراد الدواء مسؤولية البنك عبر سعر الآلية فقط، فالسعر بات موحداً للأدوية ولغيرها، جازماً بأن نظام العطاء سوف يجلب أدوية رخيصة جداً، ويحدث تغييرًا كبيرًا في انخفاض الأسعار الى أقل بكثير من الموجودة حالياً، وأضاف أن الأدوية في الأساس كانت تستورد بهذا السعر في الفترة الماضية بسعر الصادر 31 جنيهاً والسوق الموازي بنفس السعر، وبالتالي لن يحدث تغيير كبير.

وكان بنك السودان المركزي وضمن إجراءاته لضبط الأسواق والسيطرة على التضخم وأسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه، قد حظر في الثلاثين من شهر يناير المنصرم، (130) شركة تعمل في مجال استيراد وتصدير الادوية من كافة التعاملات المالية والمصرفية في البلاد.



إلى الأسوأ

توقعات أصحاب الصيدليات بأن الوضع ماضٍ إلى الأسوأ بعد تحرير سعر الصرف سيما أن العديد من الشركات لا تستطيع الشراء بعد تحرير سعر الصرف، هذا ما ذهب إليه الطبيب صيدلي. محمد صالح عشميق لـ(الصيحة) أن تحديد سعر دولار الدواء لآلية السوق يعني تلقائياً تحرير الدواء نهائياً وزيادة الأسعار بصورة كبيرة جداً، ولا يعني بأي حال من الأحوال انخفاض الأسعار، وأضاف أن البنك المركزي كان يعطي شركات استيراد الدواء الدولار بواقع 30 جنيهاً فعندما يخضعه الى سعر آلية السوق، يعني رفع يده عن دعم الأدوية وترك الدواء تحت رحمة السوق، لافتاً الى أن الدواء ليس سلعة عادية وإنما له خصوصية وتأثيره خطير على صحة المواطن خاصة، والوضع الصحي في البلاد عامة، جازماً بأن نظام العطاءات يؤدي الى تفاقم الأزمة لجهة أن الدواء رخيص، وتساءل ماذا يريد البنك المركزي من استيراد الدواء عبر عطاءات، هل يكون السعر الأقل على حساب جودة الدواء، مشيرًا الى أن سعر الدواء يحدده المجلس القومي للأدوية والسموم طبقا لسعر الدولار، مؤكدًا أن العطاءات تدخل الناس في متاهات الجودة في الدواء، جازماً بأن الحل يكمن في توفير دولار فقط، وزاد” لحل أزمة الدواء على الدولة أن توفر دولار الدواء، أما الحلول الأخرى المطروحة بالتأكيد ستكرس الأزمة من جديد”.




جودة مختلفة

فيما يتعلق باحتكار الدواء، قال عشميق إن هذه النقطة غير دقيقة، فمعروف أن أى صيدلية توجد بها أدوية لأكثر من شركة محلية وأجنبية، تعرض نفس الدواء وبنفس الجرعة بجودة مختلفة، وسعر مختلف وتضع للطبيب والمريض كل الخيارات، وينتج عنه منافسة قوية بين الشركات لتقديم جودة أعلى وسعر أقل، فإذا كان القرار يقصد أنه لأي شخص أو شركة استيراد الدواء من شركة أجنبية واحدة، فالشركات الأجنبية لديها عقود موثقة دولياً وسياسات واضحة بأن يكون لديها وكيل واحد فقط للاسم التجاري المحدد، ولا يمكن إلزامها، لافتاً إلى أن الشركات والصيادلة العاملين بها وفي كل دول العالم تحكمهم ضوابط و Guidelines محددة وعلمية ومهمتهم هي إرشاد الأطباء للدواء المنتج عبر الشركة بآخر الأبحاث العلميّة واستقبال التقارير عن الدواء والآثار الجانبية غير المتوقعة وتحمل أي مسؤولية طبية تنتج عن استخدام الدواء، والإشراف على توزيع الدواء وتخزينه واستيراده ومتابعة الصيدليات والشكاوى وضمان حفظه بالضوابط المحددة، وإلغاء هذا الدور يعني تلقائياً الفوضى، واصفاً حظر استيراد الدواء إذا وجد له بديل محلي بالقرار الجيد، لكن السؤال الذي سيفرض نفسه .. هل يكفي الإنتاج المحلي حاجة البلاد من الدواء؟



سلعة حساسة

الخبير الاقتصادي دكتور عادل عبد المنعم، يؤكد لـ(الصيحة) أن الدواء سلعة حساسة جداً، ومعظم الشعب السوداني فقير، ودخله محدود وإخضاعه لآلية السوق لن يكون في متناول يد الجميع، وسوف يكون في مقدور الأغنياء فقط، وشدد على أهمية أن يكون بالسعر الرسمي، ويخفض للشركات التي تقوم باستيراده حتى يكون سعره معقولاً للمواطن، وقال إن الاسم التجاري الذي يحدده الطبيب مهم جداً، ويكون بنفس الفاعلية، داعياً إلى فرض ضوابط على الإمدادات الطبية باستيراد الدواء من المصنعين مباشرة. ونادى بوقف استيراد الكماليات والسلع غير الذات الأولوية، وأن يكون للدواء أولويته، وأضاف أن قيمة استيراد المنتجات المصرية تقدر بحوالي 350 مليون دولار ليست لها ضرورة، حيث عاش المواطنون عامين من دونها دون أن يتأثر بها ويجب إيقافها وتوظيف تكلفتها لفاتورة الدواء، ونادى بضرورة وجود بدائل لتوفير الدواء بسعر يتناسب مع المواطن الذي يتحمل نقص السلع الأخرى، ولا يتحمل نقص الدواء، إضافة إلى مراعاة المدخلات الطبية الأخرى.

إرسال تعليق

0 تعليقات